الخميس، 27 نوفمبر 2008

عنف المعلمين مع طلاب فلسطينيين يقارب «التعذيب»

شفاعمرو (الجليل) - وليد ياسين الحياة - 27/11/08//
ما زال الغموض يكتنف ظروف سقوط الطالب الفلسطيني عرفات رأفت الصواف، من الطابق الثالث في مدرسة الإمام الشافعي الثانوية بمدينة غزة، في وقت يؤكد عدد من شهود العيان ووالد الطالب أن عرفات، الذي يرقد حالياً في حالة موت سريري، في احد المستشفيات الإسرائيلية، تعرض للضرب العنيف على يد مدرس الرياضيات، وسقط من الطابق الثالث، أثناء محاولته الهرب من عصا معلمه.وفي التفاصيل، التي تناقلتها مؤسسات حقوقية فلسطينية، كان عرفات يحاول الهرب من مدرسه، لحظة خروجه من فصله الدراسي في الطابق الثاني، إثر تعرضه للضرب بسبب سلوك سلبي. ثم شوهد عرفات وهو يصعد إلى شبك الحماية الحديدي المحيط بسلالم الطابق الثالث. علقت ساقاه واختل توازنه فهوى. إلاّ أن والد الطالب يتهم المعلم مباشرة بالتسبب بسقوط ابنه، ويقول ان المدرس ضربه بالعصا وهو معلق على السلالم، ما أدى إلى سقوطه.وصف الناطق الإعلامي لدى وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، الحادث بأنه «عرضي»، في حين طالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بنشر نتائج التحقيق في الحادثة، وبحماية حق الأطفال في التعليم وتعزيزه، ومكافحة مظاهر العنف في المدارس. وتزامن ذلك مع صدور بيان لمؤسسة «الضمير» ومركز «الميزان» لحقوق الإنسان، يؤكد تزايد الشكاوى التي يتقدم بها المواطنون، بسبب التصاعد المستمر لاستخدام العنف في مدارس قطاع غزة. واعتبر البيان استخدام العنف في المدارس تعبيراً فظاً عن عجز من يستخدمون العنف وقصور إمكاناتهم وأدواتهم التربوية، إضافة إلى انتهاكهم معايير حقوق الإنسان والقانون الفلسطيني الذي يحظر استخدام العنف في المدارس.وفي متابعة لحادثة الطالب عرفات الصواف، يتضح ان العنف في المدارس الفلسطينية يستشري، ولا يتوقف على المدارس الحكومية فحسب، بل يتغلغل في مدارس «اونروا» التي يبدو أنها تحاول التستر على ما سماه أحد نشطاء حقوق الإنسان بـ «التعذيب داخل المدارس»، من خلال المبادرة إلى حملة لمكافحة العنف في المجتمع الفلسطيني ومدارسه.وحاول مسؤول في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، التقليل من حدة ظاهرة العنف في المدارس، بوصف مبادرة «مدارس بلا عنف» بأنها «تطبيق ملموس لترسيخ قواعد ثابتة في نشر الاحترام المتبادل والقيم الاجتماعية والانضباط السلوكي لدى الطلبة»، بينما نشر الباحث الفلسطيني في مجال حقوق الإنسان، مصطفى إبراهيم، تقريراً، يتهم فيه إدارات المدارس بممارسة «التعذيب ضد الطلبة». ومن ممارسات التعذيب التي كشفها تقريره، قيام بعض المعلمين برش الرمل على رؤوس الطلاب الذين يضعون «الجلْ» على الشعر، وإجبار الطلاب الذين يتأخرون في الوصول إلى المدرسة على ممارسة رياضة عنيفة، تشمل تمارين «عسكرية»، كما ذكر بعض الطلاب. ويقول هؤلاء إن المعلمين يفرضون عليهم إجراء تمارين الضغط والزحف على الأرض، والقرفصة على أصابع القدمين والسير مسافة طويلة تحت الضرب بالعصي. ويمارَس الضرب الجماعي بالعصي على الطلاب المعاقبين، اذ يجتمع عدد من المعلمين حول الطالب، وينهالون ضرباً على كل أنحاء جسمه. وشهد هؤلاء الطلاب ان أحد زملائهم في الثانوية العامة، أدخل المستشفى من شدة الألم إثر «فلقة» على قدميه. وأكد طالب في الصف الأول الإعدادي في إحدى المدارس التابعة لوكالة «أونروا» أن المعلمين هناك يمارسون السلوك نفسه، بل ويضيف انه إذا سقط طفل من شدة العياء، يُضرب بالعصي ويُجبر على إكمال التمرين.ويقول مصطفى: «نسمع عن عنف يمارسه طلاب المدارس، إلا أننا في قطاع غزة أصبحنا نسمع ونشاهد العنف الذي يمارسه المعلمون المناط بهم تربية الأجيال الصاعدة وتنشئتهم».من جهتها، قالت وكالة «أونروا» في بيان، إنها تسعى إلى إيجاد أفضل بيئة تعليمية ممكنة لطلابها، وإنها تنفذ نشاطات مختلفة لتزويد المعلمين والطلاب بمهارات تهدف إلى نشوء بيئة مدرسية تربي على التسامح والاحترام والتواصل، وتحرّم العنف في المدارس.وأضافت أن 20 مدرسة تبنّت مبادرة خاصة لمكافحة العنف، وان فريقاً شُكّل على أعلى المستويات، من دائرة التعليم بالوكالة، والجامعات المحلية، والاختصاصيين لوضع الخطط والنشاطات الضرورية، تمهيداً لتعميم التجربة على كل المدارس مستقبلا،ً وأن هناك تعليمات مشددة تحظر استخدام العنف في شتى صوره في مدارس الوكالة.وبحسب مصطفى، لم تتلق أي منظمة من منظمات حقوق الإنسان حتى الآن، رداً على البيانات والشكاوى التي رُفعت بخصوص سقوط الطالب الصواف، ولم يُكشف عن تحقيقات في شكاوى كثيرة تقدم بها طلاب وذووهم، ضد بعض المعلمين في المدارس التي تمارس العنف الجسدي والنفسي والمعنوي على طلابها. ولم تأخذ الوزارة تلك الممارسات بجدية.

ليست هناك تعليقات: