الاثنين، 5 مارس 2007

بيرزيت أو «هارفارد فلسطين» تواجه خطر الإغلاق وتعليق مصير 7 الآف طالب!

حيفا – وليد ياسين الحياة - 05/03/07//
ينظر الفلسطينيون إلى جامعة بيرزيت على أنها «هارفارد الفلسطينية» كونها الرائدة بين الجامعات، وتلعب دوراً مهماً في رسم الأحداث على الساحة الفلسطينية. في المقابل يرى الاسرائيليون فيها «بؤرة لتخريج الإرهاب»، كون الكثير من القادة الذين ارتبطت اسماؤهم بالكفاح الفلسطيني ضد الاحتلال تخرجوا في هذه الجامعة، وبينهم مروان البرغوثي الذي يمضي عقوبة بالسجن المؤبد بتهمة التخطيط لعمليات ضد الإسرائيليين، ويحيى عياش الذي اغتالته إسرائيل قبل سنوات بتهمة «هندسة القنابل والأحزمة الناسفة».
ولعبت الجامعة منذ تأسيسها، دوراً محورياً في تأهيل الكوادر البشرية وتنميتها عبر ما تقدمه الجامعة من برامج تعليمية بحثية وتدريبية متخصصة في حقول تكنولوجيا المعلومات والهندسة والعلوم، والسياسة والإدارة والاقتصاد. كل ذلك بالتوازي مع جهود معاهدها ومراكزها الموجودة سواء داخل الحرم الجامعي أم خارجه، في خدمة المجتمع الفلسطيني وتطوره الاقتصادي والاجتماعي. وتعكس التشكيلة السياسية لطلبة جامعة بيرزيت الآراء السياسية في الشارع الفلسطيني، كونها تضم طلبة من مختلف المناطق والطبقات والتوجهات الفكرية ولكونها من أعلى المؤسسات التعليمية في فلسطين.
إلا أن الأحداث التي شهدتها الجامعة خلال الأسبوعين المنصرمين، حملت في طياتها الكثير من علامات التساؤل حول مستقبلها. فعلى أثر الأزمة المالية التي تعصف بها منذ سنوات، والتي ازدادت حدتها في السنة الأخيرة، مع فرض المقاطعة الدولية على السلطة الفلسطينية، وانقطاع الموازنة الرسمية، وفي ضوء الأزمة التي شهدها الحرم الجامعي خلال الأسبوعين المنصرمين على اثر الخلاف بين الإدارة ومجلس الطلبة حول مبدأ تقسيط رسوم التعليم لعدد كبير من الطلاب الذين حالت الأوضاع الاقتصادية لأسرهم دون تسديدهم للقسط الجامعي، وما قاد إليه ذلك من قرار الطلاب إعلان الإضراب وقرار الإدارة إغلاق أبواب الحرم الجامعي حتى حل المعضلة، احتدمت الأزمة وبات الخطر الحقيقي يتهدد مستقبل الجامعة وطلابها الذين يصل عددهم إلى سبعة آلاف.
وتعوّد الفلسطينيون منذ احتلال الضفة وقطاع غزة، على الاغلاقات المتواصلة للحرم الجامعي من جانب سلطات الاحتلال التي لم تترك وسيلة إلا ولجأت إليها لإعاقة مسيرة التعليم، لكنهم لم يتوقعوا أن تقدم إدارة الجامعة على إغلاق الحرم الجامعي لأسباب مالية، خصوصاً ان السنوات الماضية شهدت أزمات بين الإدارة ومجلس الطلبة حول مسائل مالية مشابهة. وبحسب ما قال رئيس الجامعة الدكتور نبيل قسيس فان قرار تعليق الدوام جاء بعد لجوء الطلاب إلى العنف هذه المرة، حيث دخل كثيرون عنوة إلى مبنى مجلس الإدارة وحطموا أبوابه. واعتبر قسيس أن الطلاب «خرقوا ميثاق الشرف الذي وقعته الكتل الطالبية بعدم التعرض إلى مباني الجامعة أو جنزرة مداخلها لأي سبب».
من جهته، قال رئيس مجلس الطلبة محمد القيق انه يرفض تحميل الكتل الطالبية برمتها المسؤولية عن الأحداث العنيفة، وقال: «أعمال التخريب فردية ونحن ندينها بشدة». واعتبر أن الأزمة احتدمت جراء «خلل في نظام التقسيط الذي تتبعه الجامعة واشتراطها احضار اولياء أمور الطلاب الذين لم يسددوا أقساطهم لتوقيع التزامات مالية». ويرى القيق أن الخطر يتهدد مستقبل الجامعة، بل كان يعتبره قاب قوسين أو أدنى، ولذلك، يقول: «قررنا من جهتنا، نحن والإدارة، النزول عن الشجرة العالية ومحاولة التوصل إلى اتفاق يضمن الحق بالتعليم لكل الطلبة».
ويرى القيق ان على الطلبة المتمكنين مادياً المساهمة في حل الأزمة المالية من خلال تحملهم جانباً من أقساط زملائهم من أبناء العائلات الفقيرة. وقال إن الدوام استؤنف في الجامعة بعد يومين من الإغلاق، وانه يتوقع انتهاء الأزمة خلال أيام قليلة.
لكن الأزمة التي تواجهها الجامعة لا تتوقف عند مسألة الأقساط الجامعية المستحقة لقرابة نصف طلبة الجامعة، كما يقول الدكتور سميح شبيب مدرس الفلسفة في الجامعة: «هناك أزمة مالية متراكمة تواجهها الجامعة وباتت تشكل خطراً حقيقياً على مستقبلها. فبالإضافة إلى عدم تحويل الحكومة موازنة الجامعة، وهو ما يعيق استمرارية التعليم، يتهدد الخطر السلك الأكاديمي في كل الجامعات الفلسطينية، فراتب الأستاذ الجامعي لا يتجاوز 1000 – 1200 دينار شهرياً، وإذا ما توافرت له فرص العمل في الخارج براتب أفضل فلن يتردد بترك جامعته». ويضيف شبيب أن «الأزمة المالية تنعكس، أيضاً، على المعدات وتطوير الجامعات الفلسطينية، وهذا يشكل نقطة ضعف أخرى تهدد مستقبل التعليم الجامعي».
تاريخ الجامعة
يعود تاريخ جامعة بيرزيت إلى عام 1924 عندما تأسست كمدرسة ابتدائية على يد نبيهة ناصر، وكان الهدف الرئيسي للمدرسة توفير فرص التعليم الأولية لفتيات بيرزيت والقرى المجاورة في وقت انعدمت فيه المدارس تقريباً في تلك المنطقة. وكانت رتيبة شقير أول مديرة للمدرسة.
في عام 1930 أصبحت المدرسة ثانوية للبنين والبنات. وفي 1932 أطلق عليها اسم «مدرسة بيرزيت العليا»، ثم تغير اسمها في 1942 إلى «كلية بيرزيت». وفي 1953 وبرئاسة موسى ناصر، أضيف الى الكلية الصف الجامعي الأول بفرعيه العلمي والأدبي، وتبعه الصف الجامعي الثاني في 1961 وأصبحت الكلية تؤهل الطلبة للانتقال مباشرة إلى الصف الجامعي الثالث في كثير من الجامعات في الوطن العربي وخارجه.
وفي 1961 ألغت إدارة الكلية الصفوف الابتدائية والإعدادية والثانوية بصورة تدريجية إلى أن تم إلغاء آخر صف ثانوي في نهاية العام الدراسي 1966-1967. وفي حزيران (يونيو) 1972 تقرر الاستمرار في تطوير الكلية بالتوسع في الدراسة الجامعية لتصل إلى أربع سنوات تؤدي إلى درجة البكالوريوس في الآداب والعلوم، كما تقرر بناء حرم جامعي جديد على مشارف بلدة بيرزيت. وفي عام 1975-1976 تحول اسم الكلية إلى «جامعة بيرزيت». واشتملت حينذاك على كليتي الآداب والعلوم. وفي نيسان (أبريل) 1976 قبلت الجامعة عضواً في اتحاد الجامعات العربية كما قبلت في 1977 عضواً في الاتحاد العالمي للجامعات. وفي 11 تموز (يونيو) 1976 احتفلت الجامعة بتخريج أول فوج من حملة درجة البكالوريوس في الآداب وفي العلوم.
وتضم الجامعة اليوم كليات لتدريس الآداب والعلوم والتجارة والاقتصاد والهندسة والحقوق والإدارة العامة وكلية الدراسات العليا التي تؤهل طلابها لشهادة الماجستير في الدراسات العربية المعاصرة والدراسات الدولية والتربية والتاريخ العربي – الإسلامي وعلم الاجتماع والاقتصاد وإدارة الأعمال وهندسة المياه والبيئة والقانون، اضافة إلى برنامج الماجستير والدبلوم العالي في المرأة والقانون والتنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان والحوسبة العلمية والإحصاء التطبيقي والعلوم الطبية المخبرية و هندسة التخطيط والتصميم العمراني والرعاية الصحية الأولية والصحة العامة والمجتمعية والجغرافيا. كما تخصص الجامعة برنامجا للدراسات العربية والفلسطينية للطلبة الأجانب.