الخميس، 27 ديسمبر 2007

نهاية أسبوع تناقض قانون حرية العمل وتختلف عنها في الضفة والقطاع ... السبت يتحكم أيضاً بالفلسطيني في إسرائيل


حيفا – وليد ياسين الحياة - 27/12/07//
يخضع تحديد العطلة الأسبوعية في مختلف دول العالم إلى قانون العمل في البلاد، الذي يُحدد هذا اليوم بـــناء على مـــعايير متعددة تحترم الحقوق الإنسانية للعامل ولا تؤثر على ديمومة العمل وسوق الإنتاج. وغالباً ما ينسحب هذا الأمر على المواطنين من دون أي تمييز إلاّ في ما يخص ضرورات العمل القصوى.
أما في فلسطين المحتلة فالأمر يختلف اختلافاً شبه كلي، إذ يجد الفلسطيني نفسه خاضعاً لمعايير سياسية ودينية في تحديد يوم عطلته.
وفي شكل خاص يجد الفلسطينيون، من داخل منطقة 48 في الأراضي المحتلة أنفسهم مختلفين عن غيرهم من العرب، أو حتى عن الفلسطينيين الخاضعين للسلطة الفلسطينية. وإذا كانت غالبية الدول العربية تعتبر يوم الجمعة هو يوم عطلة نهاية الأسبوع الرسمي، ويضيف بعضها إليه الأحد، بحسب الانتماءات الدينية لمواطنيها. وفيما يعتمد الغرب يوم الأحد عطلة رسمية، يحتار الفلسطيني في منطقة 48، أي يوم يختاره لقضاء عطلته الأسبوعية.
فـ «إسرائيل» تعتبر يوم السبت، يوم العطلة الرسمي، في جميع المؤسسات الحكومية والمنشآت الصناعية والتجارية، على أنه اليوم «المقدس» بحسب الديانة اليهودية والذي يجب أن يُكرَّس للراحة والصلاة.
وسنت «اسرائيل» قانوناً خاصاً يُكرِّس السبت يوم الراحة للعمال اليهود، فيما تركت للمواطنين العرب حرية اختيار يوم عطلتهم، بين الجمعة أو الأحد.
وما زال القانون يثير حتى اليوم، جدلاً واسعاً في الأوساط العلمانية والدينية اليهودية في «إسرائيل». وقد شهدت أروقة المحكمة العليا الإسرائيلية مناقشات حادّة اثر التماسات قدّمتها جهات علمانية طالبت فيها بإلغاء القانون وترك حرية اختيار يوم العطلة للمواطنين أنفسهم.
ويعتبر المعارضون لهذا القانون أن فرض المنع الجارف على تشغيل اليهود في يوم السبت يناقض قانون حرية العمل، الذي يعتبر أحد القوانين الأساسية في كتاب القوانين الإسرائيلي.
ورفضت المحكمة العليا الالتماسات كافة التي قُدِّمت إليها في هذا الشأن، واعتبرت في أحد قراراتها، على سبيل المثال، أن تحديد السبت يوماً رسمياً للراحة يأتي من منطلق «الدولة الديموقراطية التي تسعى إلى ضمان راحة العامل، وتقـوية العلاقات الأسرية في هذا اليوم».
وأضافت «أن الدولة الديموقراطية تأخذ في الاعتبار المشاعر الدينية في شكل يتم من خلاله تحديد يوم العطلة على أساس ديني وقومي».
زعزعة العلاقات الاسرية
وصحيح أن القانون الإسرائيلي يتيح للمواطنين الفلسطينيين اختيار يوم عطلتهم بين الجمعة والأحد، لكن الغالبية العظمى من العاملين الفلسطينيين يُضطرون، بإرادتهم أو بغير إرادتهم، لتعطيل أعمالهم يوم السبت، لكونهم يعملون في منشآت ومؤسسات يهودية خاصة أو رسمية. ما يعني أن مبدأ «تقوية العلاقات الأسرية» و«احترام المشاعر الدينية»، غير سارٍ عليهم كشريحة أساسية في المجتمع. إذ أن في غالبية المدن والبلدات العربية الفلسطينية داخل منطقة 48 تفتح المدارس أبوابها يوم السبت، ما يؤدي بالتالي إلى حرمان أرباب الأسرة من الاجتماع بأولادهم، أو التخطيط للاجتماع معاً في يوم أسري. وإذا ما أراد الفلسطيني في إسرائيل الخروج في نزهة مع أسرته، أو التخطيط لغداء عائلي، يُضّطر إلى الاختيار بين تعطيل عمله في اليوم الذي تُغلق فيه المدارس أبوابها، الجمعة أو الأحد، أو تعطيل أولاده عن دراستهم في يوم عطلته، السبت.
كما أنّ هذا القانون يحرم الكثير من المواطنين الفلسطينيين من أداء الشعائر الدينية، سواء يوم الجمعة للمسلمين والدروز، أو يوم الأحد، للمسيحيين، وهنا أيضاً سيتحتم على من يُقرِّر أداء الشعائر الدينية تعطيل عمله، وهذا يعني بالتالي خسارة مادية إذ أن يوم العطلة سيُخصم من راتبه الشهري.
يضاف إلى ذلك أن غالبية المواطنين في اسرائيل، عرباً ويهوداً، يُحرمون بســـبب قـــانون العطلة من مراجعة الدوائر الحـــكومية في أمورهم الخاصة التي تحتم زيارة هذه الدوائر، إذ أن غالبية هذه الدوائر تكون مغلقة يوم الـــسبت، ويضــطر من يريد مراجعة إحداها إلى تعطيل عمله في يــوم آخر من أيام الأســـبوع.
هذه المسائل مجتمعة، تضع عراقيل أمام «المواطنين» في إسرائيل، لكنها عراقيل مضاعفة بالنسبة للعرب الفلسطينيين الذين يكادون يولون، بسبب ذلك، أي اهتمام ليوم العطلة.
ونادراً ما تجد عائلة عربية تخطط ليوم العطلة، إلا لإحياء مناسبات خاصة. وهكذا، وبينما تجد غالبية اليهود فرصة في يوم العطلة للنزهة أو لأداء شعائرهم الدينية، ينشغل غالبية المواطنين العرب بأمور خاصة، بعيدة كل البعد من تقوية العلاقات الأسرية أو حتى ضمان الراحة.