الخميس، 14 يونيو 2007

الحبوب التي تجمع الإسرائيلي والفلسطيني بسبب البطالة والأمن المهزوز

حيفا – وليد ياسين الحياة - 14/06/07
في استعراض لمئات العناوين التي تناولتها الصحف الإسرائيلية ومواقع الانترنت حول استهلاك المهدئات في المجتمع الإسرائيلي، تتردد أسماء عشرات الأدوية التي يتناولها الإسرائيليون لمعالجة أوضاع نفسية متردية ازدادت حدتها في العقود الثلاثة الأخيرة، بفعل غياب الاستقرار الأمني، من جهة، وتردي الأوضاع الاقتصادية التي أدت إلى تفاقم حدة الفقر والبطالة.
وإذا كانت الانتفاضة الفلسطينية جعلت الإسرائيليين أسرى حالات عدة من التوتر والخوف، أدت حرب تموز (يوليو) الأخيرة، بين إسرائيل و «حزب الله» اللبناني، إلى انهيار كلي لأسطورة الجيش الذي لا يقهر، وبالتالي انهيار آخر أسوار جهاز المناعة الذي فاخر الإسرائيليون لعقود خلت، بأنه الترسانة التي لا يمكن اختراقها.
ويتضح من معطيات كثيرة، غير رسمية، تناولتها وسائل إعلام إسرائيلية ان الإسرائيليين يأتون في مقدم مستهلكي المهدئات،على مختلف أنواعها. وتحجم وزارة الصحة الإسرائيلية عن نشر معطيات رسمية حول نسبة استهلاك المهدئات، في محاولة منها لإخفاء حال الفزع التي يعيشها هذا المجتمع. لكن معطيات نشرتها شركة الأدوية الإسرائيلية «ماديتيك» حول استهلاك المهدئات، تشير إلى ارتفاع مبيعات الأدوية المهدئة بنسبة 22 في المئة، وهذا يؤكد ما سبق ونشرته صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، عن ان خُمس الإسرائيليين يتعاطون مهدئات طبية أو نباتية، في حين نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مسؤول في شركة الصيدليات الإسرائيلية المعروفة «سوبر فارم» قوله ان صيدليات الشركة سجلت ارتفاعاً كبيراً في مبيعات الأدوية المهدئة، خصوصاً تلك التي يمكن للمواطن الحصول عليها، من دون وصفة طبية.
وأضاف ان شركته تعجز أحياناً عن تلبية الطلبات على المهدئات. وبحسب معطياته فان مبيعات المهدئات في مدينة القدس، حيث ترتفع نسبة التوتر بين المواطنين جراء الأوضاع الأمنية، ازدادت بنسبة 10 في المئة في حين تراوحت الزيادة في المناطق الأخرى من إسرائيل ما بين 35 و50 في المئة.
وتشير صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية في تقرير نشرته حول الإدمان على المهدئات في المجتمع الإسرائيلي، إلى ان أكثر الأدوية المهدئة التي يتناولها الإسرائيليون هي الحبوب التي تساعدهم على النوم. ويقول يغئال يخيني، طبيب في المركز الطبي في تل أبيب، ان المواطنين يبحثون عن حلول سحرية يؤمنون بأنها تساعدهم على التحرر من حالات القلق والفزع، فليجأون إلى الأدوية المنومة حتى من دون معرفة الأسباب الحقيقية للقلق. تقول دالية شختر، الطبيبة في المركز الطبي «شيبا»، ان تناول الأدوية المنومة في إسرائيل يتزايد إلى حد الإدمان، ويمكن تشخيص حال الإدمان لدى مستهلكيها حين يحاولون وقف استخدامها، وعندها تتزايد حالات الأرق ويشعرون بأنه ليس في مقدورهم التخلي عن الأدوية.
وفي المجتمع الفلسطيني داخل أراضي 1948 هناك حالات مشابهة من الإدمان على المهدئات، ولكن العامل الأساسي يختلف، كما يقول أحمد حسين، طبيب الأمراض النفسية: «في مجتمعنا تنتشر ظاهرة البطالة وما يرافقها من مخاوف في شأن تأمين المستقبل، وهو ما يجعل ضحايا هذه الظاهرة يلجأون إلى التدخين اعتقاداً منهم بأنه ينفس من حال التوتر أو إلى الحبوب المهدئة». ولا يختلف الأمر في الأراضي الفلسطينية، حيث ترتفع نسبة استهلاك الأدوية المهدئة، أيضاً بسبب حالات البطالة المتفشية والأوضاع الأمنية المتدهورة. «هناك نسبة كبيرة من المواطنين الفلسطينيين يعيشون حالات ارق متواصل بسبب المداهمات الليلية وأعمال القصف التي ينفذها جيش الاحتلال، فيلجأون إلى المهدئات»، كما يقول الطبيب سامح حداد. وهو يعتقد ان 30 في المئة من الفلسطينيين على الأقل يتناولون مهدئات طبيعية، كونهم لا يملكون ثمن المهدئات الطبية.