الاثنين، 29 سبتمبر 2008

اربعون في المئة من فلسطينيي أراضي 1948 يغيّرون اختصاصهم أو يتسربون من الجامعة

شفا عمرو (فلسطين المحتلة) – وليد ياسين الحياة - 29/09/08//
تعرض الجامعات والكليات الإسرائيلية، وكذلك الأجنبية تشكيلة كبيرة من الاختصاصات. ولكن هذه الجامعات والكليات قد تحرم الطالب فرصة العيش الكريم، في بلد يُعتبر فيه الطالب الفلسطيني في أدنى سلّم الأولويات لجهة القبول في العمل، مقارنة بالطلاب اليهود أو المهاجرين الذين جاؤوا إسرائيل «على طبق من فضة»، ووفروا لها قوى عاملة جاهزة في مختلف مجالات الحياة الأكاديمية، فاحتلوا مكان الصدارة.
إلى ما قبل عقدين من الزمن، كانت الاختصاصات ذات الموقع والاسم الرنّانين، كالطب والصيدلة والهندسة المعمارية، تحتل مركز الصدارة في أولويات الطالب الفلسطيني، وكان الكثير من الطلبة الفلسطينيين يتحملون مشقات السفر إلى الخارج ومصاعب الغربة في سبيل الحصول على «الشهادة الذهبية»، ومن ثم يبدأ المشوار الأصعب: البحث عن عمل.
ومع بدء موجة الهجرة الروسية الواسعة في أواخر الثمانينات من القرن الماضي بدأ التحول في اختيار المواضيع الدراسية، وأصبح الطلاب الفلسطينيون يختارون مواضيع قد لا تلبي طموحاتهم ولكنها تضمن لهم المستقبل على الأقل.
وأمام التخبط الذي يواجهه الطالب تشير معطيات نشرتها دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل، فإن أكثر من 40 في المئة من الطلاب الفلسطينيين في منطقة الـ 48 يغيّرون تخصصهم بعد السنة الأولى أو يتركون الجامعة.
ويقول الدكتور ايتمار جاتي، المدرس في قسم التربية وعلم النفس في الجامعة العبرية في القدس، إن اختيار المهنة قرار مهم جداً ويجب تخصيص الوقت والتفكير الجدي له. اذ ان تغيير موضوع التعليم أو التسرب منه ينطوي على ثمن اقتصادي ونفسي باهظ. ومن الناحية الاقتصادية، علماً ان تكلفة التعليم للسنة الواحدة تتراوح بين 11 و20 الف دولار اميركي. ومن الناحية النفسية، قد يؤدي تغيير موضوع التعليم إلى وقوع الطالب في تخبط من شأنه أن يتسبب بانخفاض رغبته في التعليم، وأحياناً الإحساس بالفشل.
ويضيف ان بحثاً أجري على 366 طالباً فلسطينياً من منطقة الـ 48 بيّن أن أكثر صعوبة يواجهها الطلاب عند توجههم لاختيار موضوع التعليم هي معتقدات وتوقعات خاطئة يمكن أن تؤثر في اتخاذهم القرار، كالاعتقاد أن في امكان المهنة حل كل مشاكله الشخصية، أو أن اختيار المهنة هو قرار أبدي.
ويقول مدير جمعية التوجيه الدراسي للطلبة العرب، مارون فرحات، ان الأسئلة الرئيسة التي تتزاحم في ذهن الطالب العربي عشية الدخول إلى الجامعة تتمحور حول ما إذا كان سيجد عملاً في المستقبل، أو ما إذا كان السوق بحاجة الى هذه المهنة أو تلك؟ ويقول ان الأهل والأقارب والمعلمين يحاولون تقديم المساعدة وفق منظورهم، لكن يجب الفصل التام بين عملية اختيار المهنة وسوق العمل.
ويدير فرحات جمعية تأسست بمبادرة شخصية من مجموعة من الأكاديميين الفلسطينيين الذين مروا بالتجربة الصعبة في اختيار المهنة، وتعمل منذ سنوات على مساعدة الطلاب الفلسطينيين في منطقة الـ 48 لاتخاذ القرار السليم عشية التحاقهم بالدراسة الأكاديمية. ومن المشاريع التي تقدّمها الجمعية مشروع «المدرسة الجامعية» الذي يهدف إلى توسيع آفاق الطلاب في المرحلة الإعدادية حول إمكانات التعليم العالي والأكاديمي وشروط القبول وإمكانات العمل المتوافرة في سوق العمل وتطوير مهارات فكرية وتطبيقية تساعد الطلاب في اكتشاف ميولهم المهنية وخلق تجربة تعليمية خاصة لديهم، إضافة إلى تطوير مجالات اهتمام جديدة. ويقترح البرنامج على الطلاب تشكيلة من الدورات التي تساعده على اتخاذ القرار. وتنظم الجمعية مخيماً صيفياً للطلاب الثانويين يهدف إلى تشجيع التعليم العالي وتحضير الطلاب للحياة الجامعية المستقبلية وتوجيههم لتعلم اختصاصات ومهن يحتاجها المجتمع الفلسطيني في الداخل. وتتخلل المخيم زيارات لمؤسسات تعليمية أكاديمية.

ليست هناك تعليقات: